شرح حديث لا يأتي على الناس زمان إلا وما بعده شر منه
كاتب الموضوع
رسالة
إلى الجنات المدير
عدد الرسائل : 14 تاريخ التسجيل : 10/02/2009
موضوع: شرح حديث لا يأتي على الناس زمان إلا وما بعده شر منه الثلاثاء يونيو 04, 2013 12:52 am
لا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ
الحمد لله {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (الأعراف: 54). إن ما يجري اليوم ما هو إلا تأويل وتحقيق لما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الحَجَّاجِ، فَقَالَ: «اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ». سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (خ)([1]) فـ[إن قال قائل: ما وجه هذا؟ ونحن نعلم أنه جاء بعد الحجاج عمرُ بن عبد العزيز، فبُسط العدل، وصلُح الزمان؟! فالجواب أن الكلامَ خرج على الغالب، فكلُّ عامٍ تموت سنَّةٌ وتحيا بدعةٌ، ويقلُّ العلم، ويكثر الجهّالُ، ويضعف اليقين، وما يأتي من الزمانِ الممدوحِ نادرٌ قليلٌ] (كشف المشكل)([2]) فيوم الجمعة أفضل من يوم الخميس وهو بعده، والعشر والأواخر من رمضان خير مما قبلها، ويوم عرفة خير مما قبله، وزمن المهدي وعيسى عليه والسلام خير من زمن الدجال، فالحديث من العام المخصوص. وليس المقصود بالخير والشر في ذات الزمن، الذي هو عبارة عن ساعات وأيام وشهور، وسنين ودهور، ودوران شموس وأقمار، والليل والنهار، بل هو ما يكون من أعمال الناس، فإليها ينسب الخير والشر. فالحلال والحرام في المعاملات بين الناس، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لاَ يُبَالِي المَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ، أَمِنَ الحَلاَلِ أَمْ مِنَ الحَرَامِ». (خ)([3])
ومن الشر اللاحق للزمان السابق؛ انتشار الغناء الهابط، وفشوُّ الموسيقى الصاخبة، ولا يحلو ذلك إلا بالمخدرات والخمور، والترومال والمهدئات، التي هي في متناول الأيدي، ودون وصفات طبية، إنه «سَيَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ خَسْفٌ وَقَذْفٌ وَمَسْخٌ»، قِيلَ: وَمَتَى ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «إِذَا ظَهَرَتِ الْمَعَازِفُ وَالْقَيْنَاتُ، وَاسْتُحِلَّتِ الْخَمْرُ». (طب)([10]) عن سهل بن سعد. زمانٌ؛ فيه العلم والعمل خير من زمان الجهل وانعدام العلم، عن ابن مسعود قال: (إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ: كَثِيرٌ فُقَهَاؤُهُ، قَلِيلٌ خُطَبَاؤُهُ، قَلِيلٌ سُؤَّالُهُ، كَثِيرٌ مُعْطُوهُ، الْعَمَلُ فِيهِ قَائِدٌ لِلْهَوَى. وَسَيَأْتِي مِنْ بَعْدِكُمْ زَمَانٌ: قَلِيلٌ فُقَهَاؤُهُ، كَثِيرٌ خُطَبَاؤُهُ، كَثِيرٌ سُؤَّالُهُ، قَلِيلٌ مُعْطُوهُ، الْهَوَى فِيهِ قَائِدٌ لِلْعَمَلِ، اعْلَمُوا أَنَّ حُسْنَ الْهَدْيِ -فِي آخِرِ الزَّمَانِ- خيرٌ مِنْ بعض العمل). (بخ)([11])
زمانٌ؛ يُصفَّى فيه الناس ويغربلون، فيذهب الأخيار ويبقى الأشرار، إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَيْفَ بِكُمْ وَبِزَمَانٍ» أَوْ «يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ زَمَانٌ يُغَرْبَلُ النَّاسُ فِيهِ غَرْبَلَةً، تَبْقَى حُثَالَةٌ مِنَ النَّاسِ، قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ، وَأَمَانَاتُهُمْ، وَاخْتَلَفُوا، فَكَانُوا هَكَذَا» وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، فَقَالُوا: وَكَيْفَ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «تَأْخُذُونَ مَا تَعْرِفُونَ، وَتَذَرُونَ مَا تُنْكِرُونَ، وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ، وَتَذَرُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ». (د هـ)([12])عن ابن عمرو. في زمن الشر من أسعد الناس؟ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ أَسْعَدَ النَّاسِ بِالدُّنْيَا لُكَعُ بْنُ لُكَعٍ" (حم)([13]) أي اللئيم بن اللئيم. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: (لَيْسَ عَامٌ إِلاَّ وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌ مِنْهُ؛ لا أَقُولُ: عَامٌ أَمْطَرُ مِنْ عَامٍ, وَلا عَامٌ أَخْصَبُ مِنْ عَامٍ, وَلا أَمِيرٌ خَيْرٌ مِنْ أَمِيرٍ, لَكِنْ ذَهَابُ عُلَمَائِكُمْ وَخِيَارِكُمْ, ثُمَّ يَحْدُثُ أَقْوَامٌ يَقِيسُونَ الأُمُورَ بآرَائِهِمْ؛ فَيُهْدَمُ الإِسْلامُ وَيُثْلَمُ) البدع لابن وضاح([14]) ويزداد زمان الشر شيئا فشيئا، وهذا يعني عودة الناس إلى الشرك بالله سبحانه وتعالى، والردة إلى عبادة القبور والطواف حول الأصنام والأوثان، ويتعارف الناس على ذلك ولا ينكرونه، عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الخَلَصَةِ» وَذُو الخَلَصَةِ طَاغِيَةُ دَوْسٍ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الجَاهِلِيَّةِ متفق عليه.([15]) يتَغيَّر الزَّمَانِ حَتَّى تُعْبَدَ الأَوْثَانُ، ولا حول ولا قوة إلا بالله. تقول عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللاتُ وَالْعُزَّى"، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}؛([16]) أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا! قَالَ: "إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً، فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَيَبْقَى مَنْ لا خَيْرَ فِيهِ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ" (م)([17]) وشر زمان هو الذي لا يذكر في الله، فالقيامة لا تقوم إلا على شرار القوم عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لا يُقَالَ فِي الأَرْضِ: اللَّهُ اللَّهُ". (م)([18])